مکان قریش و استفزازات قريش
وبينما كان التي يرتب أمور المدينة وينظم جوانب الحياة فيها، ويرجو أن يجد فيها هو والمسلمون مكاناً آمناً يعملون فيه دينتهم بغير معارضة أو استفزاز إذ فوجئوا بمكائد قريش القضاء عليهم
فمنها أنهم كتبوا إلى مشركي يثرب يحرضونهم على قتال السلمين وإخراجهم عن المدينة، ويهددونهم بقتل مقاتلتهم واستباحة نسائهم إن لم يفعلوا ذلك . وفعلا قام مشركوا يثرب ليعلوا ذلك. ولكن أناهم رسول الله ﷺ فوعظهم ونصحهم مكفرا عما أرادوا من القتال وتفرقوا .
ومنها أن سعد بن معاذ رضي الله عنه رئيس الأوس، ذهب إلى مكة معتمراً، فطاف بالبيت، ومعه أبو صفوان أمية بن خلف تلقيهما أبو جهل، فلما عرف سعداً هدده وتوعده وقال : تطوف بمكة أمناً وقد أويتم الصياة، أما والله لو لا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالماً، وكان هذا إعلاناً عن صد المسلمين عن وكان المقصود منها : ۱ - استكشاف حركات العدو، وتأمين أطراف المدينة، حتى لا يؤخذ المسلمون على غرة .
٢ - الضغط على قريش بالتعرض لقوافلهم حتى يشعروا بالخطر على تجارتهم وأموالهم وأنفسهم، فإما أن يفيقوا عن غيبهم، ويسالموا المسلمين ويتركوهم على حريتهم في نشر الإسلام والعمل به، وهذا غاية ما كان يتمناه المسلمون - أو يختاروا طريق الحرب والقتال فيخسروا أولا طريق تجارتهم، لأنها كانت تمر بأطراف المدينة، ويلقوا ثانياً جزاء شرهم وعدوانهم بإذن الله ونصره لعباده المؤمنين، وهذا الذي وقعت الإشارة إليه في كلام الله سبحانه وتعالى مراراً . - عقد مواثيق التحالف ، أو عدم الاعتداء، مع قبائل أخرى . - إبلاغ رسالة الله ، ونشر دعوة الإسلام قولا وعملاً . وأول سرية بعثها رسول الله ﷺ سرية تسمى بسيف البحر
بعثها في رمضان في السنة الأولى من الهجرة، وأمر عليها عمه حمزة بن عبد المطلب، وكان قوامها ثلاثين رجلا من المهاجرين، واقد و الصلو السيرهم حتى بلغوا إلى سيف البحر - أي ساحل البحر الأحمر من ناحية العيص، واعترضوا عبر القريش ، قادمة من الشام عليها أبو جهل ، في ثلاثمائة رجل، فاصطف الفريقان وكاد يقع القتال، لكن توسط مجدي بن عمرو الجهني ، فانصرف الفريقان .
كانت بهذه السرية أول عمل عسكري في تاريخ الإسلام، وكان نوازها أبيض، وهو أول لواء عقد في تاريخ الإسلام. وحمل القراء أبو مرتد كناز بن حصين الغنوي . لم تتابعت البحوث والسرايا فأرسل في شوال عبيدة بن الحارث في سنين رجلا من المهاجرين إلى بطن رابغ ، فلقي أبا سفيان وهو
في مائتني رجل ، فوقع الترامي دون القتال . تم أرسل في ذي القعدة سعد بن أبي وقاص في عشرين رجلا من المهاجرين إلى الخرار قريباً من رابغ فلم يلق كيداً .
تم خرج رسول الله ﷺ بنفسه إلى الأبوار أو ودان في صفر سنة هد في سبعين رجلا من المهاجرين . فلم يلق أحداً وعقد ميثاق الأمان والتناصر مع عمرو بن مخشى الضمري. وكانت أول غزوة خرج لها رسول الله .
ثم خرج إلى بواط من ناحية رضوى، في ربيع الأوليسية أو في مائتين من المهاجرين، فلم يلق أحداً . وفي نفس الشهر أغار كرز بن جابر الفهري على مراعي المدينة وساق بعض المواشي ، فخرج في طلبه إلى صفوان من ناحي بدر ، في سبعين رجلا من المهاجرين، ولكن كرزاً أقلت ونجم في الفرار ، وهذه الغزوة تسمى بغزوة بدر الأولى . ثم خرج في جمادى الأولى أو الآخرة سنة ٢ هـ إلى تو العشيرة في مائة وخمسين ، أو في مائتين من المهاجرين، يعترض عيراً لقريش ذاهبة إلى الشام، ولكنها فاتته قبل أيام، وعقد مبان عدم العدوان مع بني مدلج .
ثم بعث في شهر رجب سنة ٢ هـ عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة، بين مكة والطائف، في اثني عشر رجلا من المهاجرين ، ليأتوا بخبر غير لقريش، لكنهم هجموا عليها ، فقتلوا رجلا، وأسروا اثنين، وساقوا العير، وغضب رسول الله ﷺ على
ذلك، ولم يرض به ، فأطلق الأسبرين وأدى دية المقتول .
وكان الحادث في آخر يوم من رجب، فأثار المشركون صحة بأن المسلمين انتهكوا حرمة الشهر الحرام . فأنزل الله : ويتارة في الكبير العزايم قال فيه قُلْ قِتَالُ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدُّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ركْفُرْ بِهِ، وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ اكبر مِنَ الْقَتْلُ وَلَا يَرَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَقَامُوا وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ، فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرُ فَأُولَبِكَ جَعَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَبِكَ أَصْحَبُ النَّارِ هُمْ فِيهَا
خيرت ﴾ [البقرة: ٢١٧].
وفي شعبان سنة ٢ هـ حول الله القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة، وكان ذلك مما يحبه رسول الله ﷺ وينتظره، وقد انكشف بذلك بعض المخادعين من المنافقين واليهود الذين دخلوا في الإسلام زوراً . فارتدوا وتطهرت صفوف المسلمين منهم . تلك هي التحركات العسكرية التي قام بها رسول الله ﷺ والمسلمون لحفظ أمن المدينة وأطرافها . ولإشعار قريش بسوء عاقبتها إن لم تكف عن شرها ، ولكنها ازدادت في العلو والاستكبار، فلاقت جزاء أمرها في بدر ، وكان عاقبة أمرها خسراً