0 تصويتات
في تصنيف مقالات بواسطة (1.0مليون نقاط)
أعمال رسول الله ﷺ في المدينة المنورة

ولما استقر النبي له بالمدينة المنورة بدا ينسق الأمور دينياً و دنيوياً بجانب استمراره في الدعوة إلى الله المسجد النبوي :

وأول خطوة اتخذها في هذا السبيل هو بناء المسجد النبوي . واشترى لذلك الأرض التي بركت بها ناقته، وكانت الغلامين يتيمين، وكانت مائة ذراع في مائة ذراع تقريباً، وفيها قبور المشركين، وخرب ونخل وشجرة من غرقد فنبشت القبور وسويت الخرب، وقطعت الشجرة والنخل، وصفت في قبلة المسجد ، وجعل الأساس قريباً من ثلاثة أذرع، وأقيمت الحيطان من اللبن والطين، وجعلت عضادتا الباب من الحجارة . والسقف من الجريد، والعمد من الجذوع، وفرشت الأرض بالرمال والحصباء، وجعلت له ثلاثة أبواب، وكانت القبلة في الشمال إلى بيت المقدس . وكان الرسول ﷺ ينقل الحجارة واللبن مع المهاجرين والأنصار، ويرتجز ويرتجزون، فيزيدهم ذلك نشاطاً.

وبني بجانب المسجد حجرتين بالحجارة واللبن، وسقفهم بالجريد والجذوع ، إحداهما السودة بنت زمعة، والثانية لعائشة رضي الله عنها ولم يكن إذ ذاك متزوجاً غيرهما، وقد بني بعائشة رضي الله عنها بعد قدومها قريباً في شوال سنة ١ هـ .

الأذان :

وبدأ المسلمون يحضرون للصلوات الخمس في جماعة ، ويتحينون أوقاتها، فيتعجل بعضهم ويتأخر البعض فاستشار النبي والمسلمون في علامة يعرفون بها حضور الصلاة، فأشار بعضهم رفع النار ، وبعضهم بالنفخ في البوق . وبعضهم بضرب الناقوس ، فقال عمر رضي الله عنه أو لا تبعثون رجلا ينادي بـ الصلاة جامعة فقبل رسول الله ﷺ هذا الرأي وعمل به، ثم إن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري رضي الله عنه رأى الأذان في المنام فجاء وأخبر النبي ﷺ فقال : إنها لرؤيا حق، وأمره أن يلقي على بلال حتى ينادي بها ، لأنه أندى صوتاً منه، فأذن بلال ، وسمع صوته عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاء يجرر رداءه وقال : والله لقد رأيت مثله . فتأكد بذلك الرؤيا، وصار الأذان أحد شعار الإسلام منذ ذلك اليوم .

المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار :

كان من سجايا الأنصار وكرمهم أنهم كانوا يتنافسون في إنزال المهاجرين واستضافتهم في بيوتهم، وكانوا كما قال الله تعالى عنهم : ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّهُ وَ الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ، فَأُوْلَيْكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [الحشر : ٩] .

ثم زاد النبي ﷺ هذا الحب والإيثار قوة بعقد المؤاخاة بينهم وبين المهاجرين، فجعل كل أنصاري ونزيله أخوين، وكانوا تسعين رجلا ، نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار، فاخي بينهم على المؤاساة، وأنهم يتوارثون فيما بينهم بعد الموت، دون ذوي الأرحام ، ثم نسخ التوارث وبقيت المؤاخاة وكانت قد عقدت في دار أنس بن مالك رضي الله عنه وعنهم أجمعين . وكان من حب الأنصار لإخوانهم المهاجرين أنهم عرضوا نخيلهم على النبي ﷺ ليقسم بينهم وبين إخوانهم المهاجرين فأبى فقالوا : إذن تكفونا المؤنة ونشر ككم في الثمرة فقبل ذلك . وكان سعد بن الربيع أكثر الناس مالا ، فقال لأخيه المهاجر عبد الرحمن بن عوف : اقسم مالي نصفين، ولي امرأتان، فانظر أعجبهما إليك، قسمها لي ، أطلقها . فإذا انقضت عدتها تتزوجها ، قال عبد الرحمن : بارك الله في أهلك ومالك . أين سوقكم ؟ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما انقلب إلا ومعه فضل من أقط وسمن ، وما هي إلا أيام حتى اكتسب مالا ، وتزوج امرأة

من الأنصار .

تأسيس المجتمع الإسلامي والأمة الإسلامية :

كانت هذه المؤاخاة ربطاً بين فرد من المهاجرين وبين فرد من الأنصار، وحيث إن المسلمين صاروا - بعد اجتماعهم بالمدينة - أمة مستقلة فقد كانوا في حاجة إلى تنظيم اجتماعي، وإلى تعريف بالواجبات والحقوق الاجتماعية، وإلى إبراز النقاط التي تجعلهم أمة واحدة مستقلة عن الآخرين . وكانت في المدينة طائفتان أخريان سوى المسلمين، تختلفان عنهم في العقيدة والدين، والمصالح والحاجات، والعواطف والمبول، وهم المشركون واليهود، فعقد النبي ﷺ فيما بين المسلمين ميثاقاً ، وفيما بينهم وبين المشركين وفيما بينهم وبين

اليهود ميثاقاً آخر ، وكتب بذلك كتاباً قرر فيه :

1- أن المؤمنين والمسلمين من فريش ويثرب، ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس.

٢ - وأن أداء ديتهم وفداء أسيرهم بين المؤمنين يكون حسب العرف السابق. وأنهم ينصرون المؤمنين في الفداء والدية .

 ٣ - وأنهم يقومون ضد المفسد والباغي والظالم كيد واحدة، ولو كان ولد أحدهم .

٤ - وأنه لا يقتل مؤمن مؤمناً بكافر ، ولا ينصر كافراً على مؤمن.

٥ - و أن ذمة الله واحدة، فيجير عليهم أدناهم

٦ - وأن من تبع المسلمين من اليهود فله النصر والأسوة .

وأن سلم المسلمين واحدة .

وأن من قتل مؤمناً قصداً يقتص منه، إلا أن يرضى ولي المقتول، ويجب على المؤمنين أن يقوموا ضد القاتل .

٩ - وأنه لا يحل لمؤمن أن ينصر محدثاً أو يؤويه .

١٠ - وأنهم إذا اختلفوا في شيء فإن مرده إلى الله ورسوله . زيادة على هذا الميثاق بين النبي ﷺ للمسلمين حق الأخوة الإسلامية في أوقات ومناسبات شتى . وحضهم على التعاون

والتناصر ، والتعاضد والتكاتف ، والمؤاساة وإسداء الخير . حتى سمت هذه الأخوة إلى أعلى قمة عرفها التاريخ . وأما المشركون فكانوا على وشك الانهيار ، حيث أسلمت أغلبيتهم مع ساداتهم وكبرائهم ، فلم يكن في استطاعتهم الوقوف في وجه المسلمين، فأخذ النبي ﷺ عليهم : «أنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفساً و ولا يحول دونه على مؤمن وبذلك انتهى ما كان يخشى منهم .

وأما اليهود فقد تم الاتفاق بينهم وبين النبي ﷺ على الأمور الآتية : ١ - أنهم أمة مع المؤمنين، ولهم دينهم وللمسلمين دينهم ، وعليهم نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم .

- وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وعلى من دهم يثرب، كل يدافع عن جهته .

وأن بينهم النصح والنصيحة والبردون الإثم .

- وأن المرء لا يؤخذ بإثم حليفة .

 - وأن النصر للمظلوم .

- وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين .

وأن يشرب حرام لأهل هذه الصحيفة .

وأن ما يكون بينهم من حدث أو اشتجار فإن مرده إلى الله ورسوله .

- وأنه لا تجار قريش ولا من نصرها .

- وأنه لا يحول هذا الكتاب دون ظالم أو أثم . وبهذا الميثاق انتظم المسلمون والمشركون واليهود من سكان يثرب في كيان واحد، وأصبحت المدينة وضواحيها دولة ذات استقلال وسيادة، والكلمة النافذة فيها للمسلمين ، ورئيسها رسول الله .

ونشط رسول الله ﷺ وتبعه المسلمون في الدعوة إلى الله ، فكان يحضر مجالس المسلمين وغير المسلمين ، يتلو عليهم آيات الله ، ويدعوهم إلى الله ، ويزكي من آمن منهم بالله ، ويعلمهم الكتاب والحكمة

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (1.0مليون نقاط)
 
أفضل إجابة
أعمال رسول الله ﷺ في المدينة المنورة

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
سُئل سبتمبر 8، 2024 في تصنيف حلول مدرسية بواسطة nalmntiq (1.0مليون نقاط)
مرحبًا بك إلى نهج المنطق، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...